السبت 23 نوفمبر 2024

‫امرأة لا تخشى الوداع‬ بقلم الكاتبة ‫مــروة أحمـــد‬

انت في الصفحة 12 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

‫الجميــع لهــا وعنــد ذهابهــا للمنــزل وهــى تتلقــي‬
‫رســائل التهنئــة علــى بريدهــا اإللكتــروين فتفاجــئ‬
  ‫بتلــك الرســالة‪.‬‬
‫مبــرووك يــا رؤى‪،‬انتظــرت تلــك اللحظــة منــذ وقــت‬
‫طويــل‪،‬ال تتعجبــي فأنــا أعرفــك جيــدا وأتابعــك منذ‬
‫ســنوات فــي صمــت ولكــن لــم تكــن الظــروف‬

‫مناســبة وخصوصــا أثنــاء فتــرة خطوبتــك أو بعــد‬
‫فســخها مباشــرة‪،‬لذلــك كان علــى أن أنتظــر حتــى‬
‫هــذه اللحظــة ولــن أخــف عنــك مــدى ســعادتي‬
‫بفســخ تلــك الخطبــة فقــد كان أملــى الوحيــد أن‬
‫يصبــح لــي مــكان فــي حياتــك يومــا مــا ‪..‬اعتــذر‬
‫لهــذه المقدمــة بــدون أن أعرفــك بنفســي إلــى اآلن‬
‫أنــا هشــام األخ التالــي لنبــع‪،‬لــم تكــف نبــع عــن‬
‫الحديــث عنــك وحينمــا ســافرت لــم يمــر يــوم بــدون‬
‫ذهابــي لكليتــك‪،‬رأيتــك وأنــت فــي كل حاالتــك‬
‫المزاحيــة وكــم تمنيــت أن أقتــرب وأعرفــك بنفســي‪،‬‬
‫ولكــن تــرددت كثيــرا حتــى ال تظنــي أن نبــع هــي‬
‫مــن أرســلتني أليــك ‪..‬مــازال لــدى الكثيــر والكثيــر‬
‫ألخبــرك بــه يــا رؤى ‪..‬فعلــى ســبيل المثــال أنــا أعمــل‬
‫اآلن علــى مشــروع أنشــاء محــاكاة لمقبــرة تــوت‬
‫عنــخ أمــون فــي إيطاليــا وحينمــا انتهــي مــن تنفيــذه‬
‫سأســافر لإلشــراف علــى التصميــم وأحتاجــك معــى‬
‫لتصويــر العمــل وتوثيقــه لحظــة بلحظــة وال تقلــق‬
‫فأنــا مفــوض الختيــار فريــق العمــل‪،‬أرجــو إال أكــون‬
‫زحمــت رأســك بالكثيــر مــن أألفــكار‪،‬وال أريــدك‬
‫أن تتصــوري أننــي أســتغلك مهنيــا‪،‬ولكنــى أعــرف‬
‫جيــدا مــدى شــغفك وأن فبلتــي بالتعــارف بــي عــن‬
‫قــرب ســيصبح لكيانــك ومســتقبلك المنــى جــل‬
‫االعتبــار‪.‬هــل حقــا مــا تــرأه‪،‬وســريعا وقبــل أن تــرد‬
‫علــى الرســالة بحــرف واحــد أرســلت لنبــع تخبرهــا‬
‫بمحتــوي الرســالة‪.‬‬
‫نبــع‪:‬أعلــم ذلــك وأنــا مــن كان يدعــو هشــام للتريث‪،‬‬
‫فهــو مغرمــا بــك منــذ وقــت طويــل‪،‬أرجــو أن يكــون‬
‫جــرح فســخ خطبتــك قــد شــفى فأنــا لــن أجــد ألخي‬
‫زوجــة مثلــك ولــن أجــد لنفســي صديقــة وأخــت‬
‫أفضــل منــك تنضــم إلــى أســرتنا الجميلــة‪.‬ابتســمت‬
‫رؤى وهــى تتذكــر أن اهلل لــم يؤخــر ســعادتها فــأن‬
‫كان قــدر لهــا أن تســتمر مــع رائــد فــأن زفافهمــا كان‬
‫مقــدرا لــه أن يكــون فــي مثــل هــذه األيــام‪،‬واآلن‬
‫هــي ليســت وحيــده وبشــكل أفضــل بكثيــر ممــا‬
‫ســبق فهــي تثــق بنبــع وقــد تصــادف أنهــا رأت هشــام‬
‫باالســتوديو مــرة أو مرتيــن حينمــا جــاء يصطحــب‬
‫نبــع‪،‬وضحكــت مــن قلبهــا حينمــا تذكــرت تلــك‬
 ‫الزيــارات الملفقــة‪.‬‬
‫فتحــت جهازهــا الصغيــر وأرســلت رســالة ردا علــى‬
‫هشــام‪:‬ال أدرى بمــاذا أجيبــك ولكنــى أتذكــر أننــي‬
‫رأيتــك مــرة أو أثنتيــن علــى األكثــر مــع نبــع فــي‬
‫األســتوديو واكن ذلــك منــذ وقــت طويــل‪،‬ويف عالمنــا‬
‫ال يعتــد بالصــور التــي مــر عليهــا أكثــر مــن ســتة‬
‫أشــهر‪،‬لــذا ‪..‬فأنــا أقبــل أن تــزورين مجددا باألســتوديو‬
‫ألحصــل علــى صــورة جديــدة لــك‪.‬ضحــك هشــام‬
‫مــن قلبــه حينمــا قــرأ ردهــا وتبــادال أطــراف الحديث‬
‫وشــعرت رؤى بألفــة غريبــة تجمعهــم شــجعها ذلــك‬
‫علــى قبــول طلبــه بتنــاول فنجــان قهوتهــا الصباحيــة‬
‫معــه‪،‬لــم تتوقــف المحادثــات بينهمــا إلــى أن الح‬
‫الصبــاح فارتــدت مالبســها واهتمــت بظــال العيــون‬
‫وغــادرت المنــزل متجــه إلــى المقهــى المتفــق عليــه‪،‬‬
‫فــي التاســعة صباحــا كان لقائهمــا يتنــاوالن القهــوة‬
‫علــى أنغــام فيــروز ليكتشــفا أنهمــا يحمــا نفــس‬
‫الشــغف فــي أمــور كثيــرة منهــا أغانــي فيــروز بينمــا‬
‫كانــت تغنى(أنــا لحبيبــي وحبيبــي إلــي) غــاص‬
‫بعينيهــا متأمــا ظاللهــا والرمــوش قائــا‪:‬عينيــك‬
‫رائعــة يــا رؤى بــل كل مــا فيــك ثــم طلــب منهــا‬
‫اإلنصــات لألغنيــة جيــدا‪..‬كان قلبهــا وألول مــرة‬
‫يشــعر بســعادة حقيقــة‪،‬لــم تســتطع أن تمنــع نفســها‬
‫مــن تذكــر رائــد وتحمــد اهلل أنهــا لــم تســتمر‪،‬فكيــف‬
‫كانــت ستســتمر معــه وهــى لــم تشــعر بمثــل هــذا‬
‫اإلحســاس وهــذه الراحــة‪،‬ســرحت قليــا كانت بشــرة‬
‫رائــد بيضــاء ناعمــة بعيــون ســوداء وجبهــة عريضــة‪،‬‬
‫كانــت مالمحــه تعتبــر جميلــة ولكــن طباعــه لــم‬
‫تســتطع رؤى أن تتكيــف معهــا‪،‬أمــا هشــام فحظــي‬
‫ببعــض جمــال نبــع أختــه نفــس البشــرة البرونزيــة‬
‫قليــا والعينيــن البنيتيــن والوجــه الممتلــئ عنــد‬
‫الخــدود ولكــن مالمحــه مريحــة تبعــث االطمئنــان‬
‫فــي القلــب علــى الفــور كمــا أنــه يســتعمل العطــر‬
‫الممــزوج برائحــة خشــب الصنوبــر الــذي كانــت‬
‫تتمنــى أن يســتعمله رائــد بــل وقــد أحضرتــه لــه فــي‬
‫عيــد ميــاده ذات مــرة‪،‬ولــم يهتــم بــه مكتفيــا بتعليق‬
‫مجامــل ولــم يســتعمله أبــدا عــادت بحضورهــا إلــى‬
‫هشــام بينمــا يكــرر ســؤاله عليهــا هــل لديــك مانــع‬
‫أن أحــدد مــع والــدك موعــد خطوبتنــا األســبوع‬


‫القــادم فــي نفــس موعــد حفــل فريــدة أختــك وأختي‬
 ‫أيضــا‪...‬‬
‫لــم تتمالــك رؤى نفســها وأجابــت بســعادة حقيقيــة‬
‫ال مانــع لــدى‪،‬مــرت األيــام التاليــة والبيــت يتزيــن‬
‫والجميــع بســعادة واكنــت رؤى وفريــدة أحلــى‬
‫عروســتان صورهمــا األســتاذ جميــل فــي ذلــك اليــوم‬
‫‪.‬حيــث غمــرت الســعادة الجميــع‪.‬‬
  ‫حديث_ الفنون‬
‫تشــمل الفنــون أنــواع عديــدة فهــي ال تقتصــر فقــط‬
‫علــى فن الرســم والتلويــن والزخــارف‪،‬أو فنــون النغم‬
‫والموســيقي أو فنــون ومهــارات الكتابــة بأشــكالها‬
‫المتعــددة‪،‬بــل هنــاك فنــون أخــرى‪،‬ولكــن لألســف‬
‫ال يمارســها اغلــب النــاس‪،‬برغــم بســاطتها‪،‬يطلــق‬
‫عليهــا بعضهــم مهــارات التواصــل ولكنــى أميــل‬
‫لوصفهــا كنــوع مــن الفنــون واآلن ســنتناول بعضهــا‪،‬‬
‫مثــل فــن الشــكر وفــن التســامح وفــن االعتــذار‬
‫وهــذه بعــض أنــواع الفنــون التــي لــم تأخــذ حقهــا‬
  ‫مــن الشــهرة‪،‬لــذا ســأحاول تناولهــا بالتفصيــل‪.‬‬
 ‫ً‬‫أوال فن الشكر‪:‬‬
‫يعتبــر هــذا الفــن مــن اريق الفنــون‪،‬ألنــك تــدرك‬
‫أنــك حصلــت علــى شــيئا يســتحق الشــكر‪،‬وهــو فــي‬
‫العمــق إدراك لنعمــة أصابتــك مهمــا كانــت بســيطه‬
‫وتقديــم الشــكر لمــن أهــداك شــيئا حتــى وإن كان‬
‫بســيطا أو كانــت هديتــه بعــض الكلمــات يتــرك أثــرا‬
‫كبيــرا ال ينســي‪،‬تقديــم الشــكر يســري فــي القلــب‬
‫مخلفــا شــعورا بالبهجــة والمــودة والتقديــر ليعــود‬
‫اليــك مــرة أخــرى محمــا بفيــض مــن العطايــا‬
‫مــن اهلل عــز وجــل‪،‬أحيانــا تكــون لدينــا رغبــة‬
‫كبيــرة بشــكر أحدهــم ولكــن يمنعنــا الخجــل‪،‬هــل‬
‫ســأتحدث لغربــاء؟ هــل ســيقبل منــى ذلــك؟ واالن‬
‫اقــول لــك نعــم‪،‬قــدم الشــكر لعامــل المصعــد الــذي‬
‫ال تعرفــه ولبائــع الجرائــد وســائس الجــراج‪،‬قــدم‬
‫الشــكر لــكل شــخص منحــك شــيئا حتــى وإن كنــت‬
‫تــراه بســيطا‪،‬حتــى‪..‬وان كان يعتبــره األخــر تأديــة‬
‫لعملــه‪..‬اشــكره عليــه‪،‬تبــادل الشــكر ســيجعل‬
‫حياتــك غنيــة باالمتنــان والتقديــر وال تنســي شــكر‬
‫الخالــق علــى مــا يمنحــه لــك باســتمرار ‪.‬فــن الشــكر‬
‫هــو مــن الفنــون الواجــب التدريــب عليهــا حتــى ال‬
‫يتحــول المــرء إلــى كتلــة مــن اإلســاءة تســير علــى‬
               ‫قدميــن‪.‬ثانــي الفنــون هــو التســامح‪:‬‬
‫التســامح مــن اروع الفنــون واهمهــا علــى االطــاق‪،‬‬
‫ومــع ذلــك ال يتقنــه إال القليــل‪،‬ينشــغل الجميــع‬
‫بمــدى اإليــذاء النفســي الــذي حــدث لــه وكــم‬
‫كان األخــر مخطئــا بحقــه‪،‬مؤججــا بذلــك الشــعور‬
‫المشــتعل بداخلــه‪،‬متناســيا أنــه يحــرس بداخلــه‬

11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 14 صفحات