السبت 23 نوفمبر 2024

‫امرأة لا تخشى الوداع‬ بقلم الكاتبة ‫مــروة أحمـــد‬

انت في الصفحة 14 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

   ‫فــي هــذه اللحظــة عليهــا أن تغــادر‪.‬‬
‫ثــارت أشــجار البرتقــال والمــوز مــن أجــل شــجرة‬
‫العنــب ولكــن شــجرة العنــب أبــت أن تجعــل‬
‫الصــراع يــدب فــي الحديقــة وأعلنــت موافقتهــا‬
 ‫علــى المغــادرة‪.‬‬
‫لــم تهــدأ الحديقــة مــع هــذا القــرار وهــذا مــا دعــى‬
‫شــجر اليقطيــن لعقــد هــذا االجتمــاع الطــارئ فقــد‬

‫قــررت كل شــجرات العنــب والمــوز والبرتقــال أن‬
‫تغــادر مــع شــجرتهم الصديقــة ممــا جعــل اليقطيــن‬
  ‫يقــف وحيــدا فــي الحديقــة الخاليــة‪.‬‬
  ‫إلى صديقة‬

‫صديقتــي‪،‬بعــد خروجــك مــن العاصفــة‪،‬ممزقــة‬
‫المشــاعر منتفخــة العيــون‪،‬شــاحبة الوجــه مــن األرق‬
‫الــذي الزمــك طويــا‪،‬بعــد مــرورك بذلــك كلــه‬             ‫ً‬

‫بمفــردك وخروجــك منــه بمفــردك أيضــا‪،‬تكتشــفين‬
‫أن الجلــوس مــع نفســك والحديــث إليهــا لــم يكــن‬
‫مرعبــا بالقــدر الــذي تخيلتيــه‪،‬بالعكــس كان مفيــدا‬
‫لحــد كبيــر‪،‬للحــد الــذي جعلــك تقفيــن علــى‬
‫قدميــك مجــددا‪،‬لــن تحتــاج بعــد هــذه التجربــة إلى‬
‫أشــخاص مــن حولــك لمســاعدتك علــى الخــروج‬
‫مــن العاصفــة‪،‬علــى األقــل العاصفــة التاليــة أو قــد‬
‫تحتاجيــن أشــخاصا مــن نــوع آخــر‪.‬النــوع الداعــم‬
‫كاألصدقــاء الحقيقيــن‪،‬الذىــن هزمــوا العاصفــة‬‬‬
‫بداخلــك وانتصــرت بهــم علــى جــرح الكبريــاء‪،‬أمــا‬
‫أولئــك مدعــون الفــرح المتقربــون لــك ويريدونــك‬
‫دومــا فــي أزهــى أحوالــك هاربيــن منــك اذا مــررت‬
‫ببــؤس أو ألــم فاجعليهــم مــكان مــا أرادو ســتجدينهم‬
‫متواجديــن فــي بهجتــك دون دعوة منك‪،‬ســتجدينهم‬
‫وتعرفينهــم دون جهــد يذكــر‪،‬دعيهــم لمــا اختــاروا‬
‫ودعيــك ممــا قامــوا بــه وال تعــط ألحدهــم فرصــة‬
          ‫إلطفــاء‪ -‬ولــو ‪-‬شــمعة واحــدة بداخلــك‪.‬‬
 ‫العودة‬

‫وىف لحظــة مــا تكــون أقــرب إلــى هــذا العالــم البعيد‬
‫مــن قربــك إلــى مــا ظننــت لعمــر كامــل انــك تنتمــي‬
‫إ ليه ‪.‬‬
‫أدركــت معنــى أن يفصلــك بيــن هــذا وذاك خطــوة‬
‫واحــدة‪،‬أدركــت وشــعرت كيــف يختــار النــاس‬
‫الذهــاب إلــى هنــاك بــكل أريحيــة وبســاطه وقــد‬

‫كنــت منهــم واختــرت أن اعبــر هــذه الخطــوة الباقيــة‬
 ‫ولكــن!‬
 ‫منعني قرار أحدهم لي بالبقاء‪.‬‬
‫نعــم فــي تلــك اللحظــة يتغيــر القــدر وتعــود قبــل أن‬
  ‫يأخــذك المــدى كليــا بقــرار صــادق مــن احدهــم‪.‬‬
‫وال أعلــم إلــى اآلن كيــف حــدث ذلــك ولكــن‬
‫ابنتــي اســتطاعت أن توقفنــي عــن الذهــاب وهــى‬
  ‫ذات األربعــة عشــر ربيعــا‪.‬واآلن بعــد العــودة‪.‬‬
‫أشــعر أن الحيــاة منحتنــي يومــا أخــر جديــدا وان اهلل‬

‫وهبنــي أنفاســي مــن جديــد‪.‬‬
‫فأدركــت أن وجــودك علــى قيــد الحيــاة ليــس باألمــر‬
‫الهيــن وال التافــه بــل إنهــا منظومــة ضخمــة يقــوم‬
‫بهــا الجســم حتــى يحافــظ علــى بقائــك فــي هــذا‬
‫العالــم يومــا بعــد يــوم ولقــد حالفنــي الحــظ وعــدت‬
‫ألكتــب عــن تلــك األمســية التــي كنــت اقضيهــا‬
‫بيــن مكانيــن قريبيــن لــم أكــن أعلــم إلــى األمــس‬
‫أنهمــا بهــذا التقــارب‪.‬‬

13  14 

انت في الصفحة 14 من 14 صفحات