من الشوكولامو إلى بوظة بكداش وأطباء سورية
يعتمد بشكل كبير على الاستقصاءات والأجهزة والوسائط المساعدة، بينما الطبيب السوري ماهرٌ سريريًا، فنحن اعتدنا أن نكون قريبين من المړيض، وأن تكون للفحص السريري أهمية كبيرة في حياتنا المهنية، فهل هي تُهمة، أو نقيصة تدعو إلى الاستخفاف بصاحبها كما أرادت أن تقول السيدة الأحمدية، أن يُعرّب الطب في سورية؟ طبعًا بالنسبة لي، فتعريب الطب قضية أخرى تتطلب مناقشة في فضاء مختلف، لكنها لم تؤثر على كفاءة الطبيب السوري ونزاهته.
يعود نشاط عائلة غراوي في صناعة الشوكولا إلى العام 1805، وأولى شركاتها الخاصة في هذا المجال يعود إلى 1931
أمّا ألّا يعرف العامل في مقهى بيروتي، أو أي منطقة أخرى، ما هو الـ"شوكولامو"، فهذا ليس مقياسًا طبقيًّا حتى، في عصر تجاوز العالم فيه هذا التصنيف الرجعي، بل لدينا مثال يقول "كل الناس خير وبركة"، ألم تسمع به الأحمدية؟ ربما هذا الشاب هجّرته الحړب طفلًا من بيته ومدرسته وهناءة عيشه، واضطرّته ظروف اللجوء وتأمين لقمة العيش أن يعمل، ويقبل مثل هذه الإهانات ساكتًا، الشوكولامو موجود في سورية ربما قبل أن تولد السيدة نضال، لكن ليس جميع السوريين مضطرّين لمعرفته وتناوله، لديهم بوظة بكداش التي اكتسحت شهرتها العالم، وصار لها فروع في أصقاع الأرض، بكداش التي عمرها أكثر من قرن وربع قرن، منذ أول انطلاقتها على يد مؤسّسها محمّد حمدي بكداش في العام 1895، في قلب الحميدية، قلب دمشق العريقة، حيث يمكن لمتذوّق البوظة وتوابعها من ابتكارات هذا المحل أن يعايش تجربة إنسانية تراثية جميلة، يشهد حكاية البوظة الدمشقية، وهو يرى العامل الدمشقي يدقّ البوظة بمهباجه، وآخرين يملأون الأقداح التقليدية الخاصّة،
بكداش التي زارها ملوك وزعماء ورؤساء ومشاهير وسيّاح من كل العالم، لم تفقد حميميتها وقربها من أبناء بلدها، كانت للفقراء والأغنياء بالدرجة نفسها، بل كان لديها طبق مرطّبات من أطايب الحلوى الباردة، إنه "كشك الفقراء"، يقدّمه بكداش بأناقةٍ تليق بكرامة الإنسان، مهما كان فقيرًا. ومثل بكداش، شاعت محلات البوظة العريقة التي تصنع بالطريقة نفسها في أكثر من مدينة سورية، كبوظة جعّارة في اللاذقية، التي أيضًا صار لديها فروع في بلدانٍ عديدة.
عندما أجري لي حفل توقيع لروايتي "النبّاشون" في معرض بيروت الدولي للكتاب، سرّني أن طبقًا مليئًا بالشوكولا الفاخرة كان يتصدّر الطاولة في جناح دار الآداب، ممهورة بماركة "شوكولا غراوي"، هل تعرف السيدة الأحمدية أن عائلة غراوي من أهم التجار ورواد الصناعات الغذائية في سورية؟ يعود نشاطها في صناعة الشوكولا إلى العام 1805،
وأن أولى شركاتها الخاصة في هذا المجال يعود إلى 1931، وأنها أخذت الجائزة الأولى في فرنسا في 1937، متفوقة على الماركات السويسرية والفرنسية وغيرها من تلك الرائدة في صناعة الشوكولا؟ ولديها مصنع أيضًا في لبنان.
السوري إنسان، يا سيدتي الإعلامية، وحضاري، وأخلاقي، ولا يرضى أن يكون عبئًا على أحد، لكن شياطين الكون اجتمعوا عليه
السوري "ما بيعرف يقول بونجور ولا غود مورنينغ"، وهذا مؤشّر خطېر على التباين الثقافي بين السوريين واللبنانيين، على حدّ وصفها، فبأية لغة تتكلّم الأحمدية؟ وما هي لغتها الأم؟