الجمعة 22 نوفمبر 2024

‫امرأة لا تخشى الوداع‬ بقلم الكاتبة ‫مــروة أحمـــد‬

انت في الصفحة 8 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

‫واآلن بعــد رحيلهــا أوصتنــي باإلعتنــاء بــك‪،‬كنــت‬
‫أتــى األيــام الماضيــة وأعطيــك ظهــرى فقــد كنــت‬
‫متذمــرا جــدا‪،‬فلقــد حصلــت منهــا علــى النصيــب‬
‫األكبــر مــن األهتمــام والرعايــة‪،‬إلــى أن جذبنــي‬
‫عطــرك اليــوم رغمــا عنــى‪،‬فأجدنــي علــى أعتابــك‬
‫امتثــل لرغبتهــا فــي العنايــة بــك‪.‬مهــا مــا هــذا‬
‫الــذي أراه؟ هــل يهبــط النــدى فــي منتصــف الليــل؟؟‬
‫أم هــل تبكــى الريحانة؟هــل تبكيــن صديقتــك حيــن‬
 ‫علمتــي برحيلهــا !!يــا الهــى مــا هــذا الحــب؟‬

‫أنــا أيضــا أحببتــك أيتهــا الريحانــة وأتمنــى أن‬
 ‫تمنحينــي بعضــا مــن هــذا الحــب‪.‬‬
 ‫أحببت ريحانه‬
  ‫أي شادو‬

‫تختــار رؤى ظــل العيــون باهتمــام شــديد وتســتعمله‬
‫بإتقــان ومهــارة عاليــة‪،‬فهــي تؤمــن أن ظــال‬
‫العيــون أشــد ســحرا وتأثيــرا علــى شــعور الفتــاة‬
‫بثقتهــا وقوتهــا الذاتيــة مــن أي محاضــرة عــن القــوة‬
‫والتطويــر‪:‬رؤى فتــاة جامعيــة أنيقــة فــي الســنة‬
‫النهائيــة مــن كليــة الفنــون الجميلــة‪،‬يشــهد لهــا‬
‫الجميــع بالجمــال والثقــة والجاذبيــة والقــوة‪،‬فهــي‬

‫لــم تكــن يومــا مثــل فتيــات تلــك األيــام الالتــي‬
‫يتمتعــن بالــدالل والرقــة‪،‬وال يضرهــا ذلــك‪،‬ولكنهــا‬
‫تــرى أن الفتــاة المعاصــرة التــي تنــوى علــى العمــل‬
‫وتفكــر بالدراســة والســفر يجــب أن تتمتــع بالقــوة‬
‫لذاتهــا واالحتــرام ذلــك األمــر الــذي لــم يكــن يقبله‬
‫خطيبهــا رائــد‪،‬وبالرغــم مــن أنــه كان يــدرس معهــا‬
‫فــي نفــس القســم إال أنــه لــم يكــن يقتنــع بأنهــا‬
‫ســتنزل إلــى العمــل بعــد التخــرج وممارســة العمــل‬
‫الجــاد األمــر الــذي أدى لفســخ تلــك الخطبــة مــن‬
‫شــهرين قبــل امتحانــات الفصــل الدراســي األول‬
‫بأســبوع واحــد بعــد الحــوار الــذي احتــد بينهــم فــي‬
‫الجامعــة أمــام جميــع الزمــاء ولــم يكن ذلــك للمرة‬
‫األوىل‪،‬بــدأ تعــارف رؤى ب رائــد منــذ ‪ 5‬ســنوات‬
‫حينمــا جمعهــم سيكشــن تصويــر واحــد ‪...‬لفــت‬
‫انتباهــه ثقتهــا العاليــة وتركيزهــا على ضبط عدســات‬
‫الكاميــرا والتقــاط زوايــا مبهــرة لنفــس الشــيء الــذي‬
‫يلتقــط لــه صــورا بــكل المجهــود الــذي يبذلــه وال‬
‫يمكــن القــول انــه أكثــر مــن صــور عاديــة لــه‪،‬ظــل‬
‫رائــد يتابعهــا شــهرا كامــا يجتمعــون فــي األماكــن‬
‫نفســها للتصويــر ولــم تلحظــه رؤى ابــدا‪،‬فهــي لــم‬
‫تبــد اهتمامــا حقيقيــا لشــيء ســوى عدســتها‪،‬بينمــا‬
‫رائــد كان فــي خــال شــهر قــد اســتحوذت رؤى على‬
‫تفكيــره تمامــا خصوصــا تلــك العينــان الســاحرتان‬
‫المزينتــان بظــال الجفــون‪:‬عاشــت رؤى طفولــة‬


‫صعبــة‪،‬ولــدت بدولــة الكويــت الشــقيقة ألســرة‬
‫مصريــة ســافرت فــي العقــود المبرمــة فــي التعــاون‬
‫المصــري الخليجــي كانــت رؤى االبنــة الكبــرى ولها‬
‫اخــت تصغرهــا بعاميــن‪،‬وىف البدايــة كانــت حياتهــم‬
‫مســتقرة التحقتــا بالمدرســة االبتدائيــة المشــتركة‬
‫ثــم انتقلــت رؤى للمدرســة المتوســطة(اإلعدادية)‬
‫واكن لهمــا العديــد مــن الصديقــات واألصدقــاء مــن‬
‫كل الجنســيات إلــى أن حــدث فــي ذات يــوم ذلــك‬
‫العــدوان علــى البلــد الصغيــر الهــادئ ليســتيقظ‬
‫الجميــع علــى صبــاح لــم تشــرق لــه شمســا‪،‬تتزاحــم‬
‫الطائــرات فــوق ســماء البلــد الــذي امســي هادئــا
‫وأصبــح خائفــا مشــتعال‪،‬تحجــب األدخنــة األفــق‪،‬‬
‫تأثــر منزلهــم بهــذه الطلقــات كمــا توقــف عمــل الوالد‬
‫ولك مــا اســتطاعوا الوصــول إليــه هــو أقــرب معبــر‬
‫بكثيــر مــن الخــوف والجــراح حتــى عبــروا كباقــي‬
‫الالجئيــن ثــم أرســلتهم تلــك المينــاء الشــقيقة إلــى‬
‫مينــاء مصــر بالباخــرة‪،‬اختلفــت الحيــاة تمامــا بعــد‬
‫عودتهــم وحقــا قامــت األســرة بمجهــودات مكثفــة‬
‫حتــى يتعافــون مــن هــذه الصدمــة جميعــا‪،‬بحــث‬
‫األب عــن عمــل جديــد واضطــر أن يقبــل بــأى عمــل‬
‫وجــده متاحــا فــي ذلــك الوقــت حتى وهــو براتــب اقل‬
‫بكثيــر ممــا كان يحصــل عليــه فــي مصــر نفســها‬
‫قبــل الســفر‪،‬ادى ذلــك إلــى بيعــه لقطعــة أرض كان‬
‫يدخرهــا واشــترى بــدال منهــا ســيارة(تاكس) حتــى‬
‫يســتطيع أن يوفــر الطلبــات العاديــة لألســرة‪،‬ســاعده‬
‫علــى ذلــك زوجتــه ســحر المحبــة الحنونــه‪،‬فلــم‬
‫تكــن تشــكو مــن غيابــه الطويــل عــن المنــزل ولــم‬
‫تتذمــر مــن ســوء الحــال‪،‬كمــا بحثــت عــن عمــل‬
‫بالتدريــس ولكــن لــم تتمكــن مــن االنتظــام فــي‬
‫مدرســة حتــى ال تتــرك الفتاتيــن فــي هــذه الظــروف‬
‫النفســية العصيبــة بمفردهما فلجئت إلــى مجموعات‬
‫التقويــة بالمنــزل فــي مــواد العلــوم والرياضيــات فهــي‬
‫كانــت مثــل رؤى ابنتهــا مهندســة ديكــور ولكنهــا‬
‫ســافرت ولــم تــزاول المهنــة لــم تكــن رؤى تفهــم‬
‫فــي ذلــك الوقــت مــا حــدث لهــم‪،‬ولكنهــا أدركــت‬
‫أن حياتهــا اختلفــت اختالفــا كبيــرا وأنهــا لــم تعــد‬
‫تلــك الطفلــة المدللــة واســتطاعت أن تتقبــل‬
‫ذلــك بســبب صبــر والدتهــا وحثهمــا علــى تحمــل‬
‫الظــروف الجديــدة وعــدم الضغــط علــى أبيهمــا‬
‫فــي متطلبــات إضافيــة‪،‬ذاكــرت رؤى باجتهــاد فقــد‬
‫قــررت أنهــا ســتجتهد وتنهــى دراســتها ثــم تســافر‬
‫للعمــل بــأى دولــة وقــد تعــود لمســقط رأســها فهــي‬
‫لــم تنســاها ابــدا‪،‬فقــررت أن تجــرب العمــل بمكتبــة‬
‫بجانــب دراســتها حتــى تســتطيع أن تســاعد نفســها‬
‫وأســرتها الصغيــرة‪،‬فكانــت منــذ الصــف األول‬
‫الثانــوى تنهــى مدرســتها وتذهــب للمكتبــه تعلمــت‬
‫فيهــا أصــول تصويــر الــورق وطبــع النســخ العلميــة‬
‫واكنــت تتقاضــى أجــرا زهيــدا مقابــل مــا تقــوم بــه‪،‬‬
‫وتذاكــر أيضــا أثنــاء وجودهــا بالمكتبــة‪،‬ولكنهــا‬
‫كانــت تســتعمل هــذا األجــر الرمــزي كمصــروف لهــا‬

انت في الصفحة 8 من 14 صفحات