قصة سيدنا سليمان
انت في الصفحة 1 من صفحتين
قصة سيدنا سليمان
قصة حكم داود وسليمان في الحرث
أنعم الله -عزّ وجلّ- على سُليمان -عليه السّلام- بالذّكاء، والفطنة، وسرعة البديهة، وقد أيّده الله -تعالى- بالحكم الصّحيح، والقضاء بين النّاس، فلمّا نفشت غنم الرّاعي في الحرث حكم في الأمر، كما حكم فيه أبوه داود، وكان حكم سليمان -عليه السلام-
هو الحكم الصّحيح، قال -تعالى-: (وَداوودَ وَسُلَيمانَ إِذ يَحكُمانِ فِي الحَرثِ إِذ نَفَشَت فيهِ غَنَمُ القَومِ وَكُنّا لِحُكمِهِم شاهِدينَ*فَفَهَّمناها سُلَيمانَ وَكُلًّا آتَينا حُكمًا وَعِلمًا وَسَخَّرنا مَعَ داوودَ الجِبالَ يُسَبِّحنَ وَالطَّيرَ وَكُنّا فاعِلينَ).
والقصة أنّ هناك رجلان أتيا إلى داود -عليه السّلام- ،أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث: "إنّ هذا له أغنام قد فلتت في أرضي فأفسدت ما فيها"، فحكم له داود -عليه السلام- بغنم صاحبه، وخرجا من عند داود -عليه السلام-
وتوجّها إلى سليمان -عليه السلام-، وكان له من العمر حينئذٍ إحدى عشر سنة، وبعد أن علم بالقصّة قال: "لو كان الحكم لي لحكمت بغير ذلك"، وكان حكم سليمان أن يأخذ صاحب الأرض الأغنام فينتفع بها ويبذر بها أرضه حتى تعود مثلما كانت، ثم يُعيد الأغنام إلى صاحبها، فقضى داود بقضاء سليمان كونه لا يضرّ بأحد من أطراف الخلاف.
قصة تولية سليمان الملك
تولّى سليمان -عليه السّلام- الحكم على بني إسرائيل بعد ۏفاة داود -عليه السّلام-، وكان له من العمر حين تولّى الحكم ثلاثة عشر عاماً، وآتاه الله الملك والنبوّة معاً، وقد دعا الله -تعالى- أن يُؤتيه ملكاً لا يؤتيه لأحدٍ من بعده، فاستجاب الله -تعالى- له دعاءه وسخّر له الإنس، والجنّ، والطّير، والشّياطين، والرّيح، فكان إذا خرج من بيته متوجهاً إلى مجلسه أقبل إليه الطّير، وقام الإنس والجنّ ليُجلسوه.
وقد ورث سليمان من داود -عليهما السّلام- العلم والملك؛ قال -تعالى-: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)،
وكانت هذه الورثة لسليمان دوناً عن باقي إخوته، والذين قال فيهم قتادة والكلبي أنّ أبناء داود تسعة عشر ولداً، وتخصيص سليمان بالورثة دلّ على أنّها ليست ورثة المال، ثمّ إنّ الله أنعم عليه بزيادة على ما ورثه من والده.
قصة سيدنا سليمان مع الهدهد وبلقيس
أنعم الله -تعالى- على سليمان -عليه السّلام- بأن جعله يفهم لُغة الطّير، وقد كانت الطّيور من المخلوقات التي سخّرها الله -تعالى- له، وكان يستخدمها في عمليات البحث والتّحري عن الماء، والإتيان بأخبار الأمم والشعوب،
ومن هذه الطّيور الهدهد الذي تفقّده بيوم من الأيام فلم يجده، ولم يطلب الهدهد الإذن بالغياب، ممّا دفع سليمان -عليه السّلام- أن يتوعده بالعڈاب أو القتل إن لم يكن له عذر بغيابه.
وغاب الهدهد فترة من الزّمن ولمّا جاء سأله سليمان عن سبب غيابه، فأخبره أنّه رأى أهل سبأ وملكتهم بلقيس ذات الحكم والملك العظيم يسجدون للشّمس ويعبدونها، وأنّهم رأوا أنّ ذلك الفعل صحيح، فلمّا سمع سليمان بذلك أراد أن يتيقّن من الخبر وليعود عن إرادته في عذاب الهدهد، فكتب كتاباً يتضمّن الأمر بعبادة الله وحده، وأعطاه للهدهد وأمره أن يُلقيه عليهم ويُراقب ما يفعلون به.
فتحرّى الهدهد نافذة من قصر بلقيس كانت قد فتحتها لتدخل منها الشّمس لتعبدها، وألقى فيها الكتاب، فلمّا رأته الملكة جمعت القوم واستشارتهم في الأمر،
فقالوا لها أنّهم قوم ذو قوّة وبأس شديد، وفوضوا الأمر لها، فكان اقتراحها أن تُرسل لسليمان هدية لتليّن الأمر فلا تقوم الحړب، فلمّا وصلت الهدية سليمان هدّدها بإرسال جيوشه لها، فقرّرت أن تُذعن لأمره وتذهب إليه.
وعندما علم سليمان -عليه السّلام- بأمرها جمع حاشيته وطلب منهم أن يحضروا عرشها إليه، فأخبره عفريت من الجن أنّه قادر على أن يأتي به قبل أن يقوم من مقامه، واقترح عالم من علماء قومه أنّ يأتي به قبل أن يرتدّ إليه طرفه، فشكر سليمان ربه وأحضر العرش، وأمر الحاشية أن يُغيّروا فيه قليلاً، فلمّا جاءت ورأته قالت: (كَأَنَّهُ هُوَ)،